سيدي المستشار عندما كنت في 19 من عمري مع شخص له 34 سنة ومن ثم هتك عرضي، لا زالت آثاره تكمن في نفسي ولم استطع نسيانها ولا محيها من ذاكرتي.
أصبت آنذاك باكتئاب شديد، وضيقة تخنقني، مع أفكار الانتحار اللتي تراودني ولم استطع شهورا الابتسام والنوم. كنت انام ساعتان ومن ثم اتقلب وهكذا. ولولا معرفتي بان الانتحار هو اعتراض على إرادة الله وان المنتحر في النار، لكنت أقدمت على هذه الخطوة قبل سنوات.
بداية العشرين من عمري اسودت الدنيا في وجهي، لم استطع البوح لاحد، لم استطع الافصاح بما في خاطري ولم استطع طلب النصيحة. الذي قدرت عليه هو الكتمان الذي يخنقني. كنت ولا أزال اردد انت اخطأت فتحملي خطأك. أعاتب نفسي والومها.
كنت اخفي دموعي في كل مناسبة، أعياد، زواج وكل مناسبة مفرحة. وكنت ولا زلت اغبط الفتيات اللاتي تزوجن وأصبحن أمهات.
سنوات طوال لا يمر يومان الا وفكرة إلقاء نفسي من النافذة او المشي امام سيارة مسرعة تراودني. ومع تجربتي الحديثة وأملي بالزواج اصبحت السعادة لا تفارق عيني ولاحظ الكثيرون بريق عيناي الى ان حدث ما سبق وسردته
أصبحت عيناي مملوءتان بالحزن والدموع، اضع كمادات الثلج بشكل يومي لإخفاء تورم الجفون، ومع كل أذان واقامة وحتى في صلاتي لا انفك عن الدعاء وقيام الليل. أتمنى وجود حضن دافئ في حياتي ولطالما تمنيت هذا الشيء، لم اجد اماً حنون وليس لدي أخوات ولا زوج.
أعرف ان مشكلتي هي ترسبات سنوات من الحزن، القلق والخوف من المستقبل مع أفكار الانتحار الملازمة لي. كيف احرر نفسي من هذه الآلام، مالذي يتوجب علي فعله؟ فكرت الذهاب الي معالج نفسي وربما طبيب نفسي. بماذا تنصحوني؟ وجزاكم الله كل خير
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. أما بعد.. فأشكرك أختي المستشيرة (داليا) على ثقتك بموقع المستشار كما أشكر الأخوة القائمين على الموقع على إتاحة الفرصة لي لتقديم استشارة نافعة بإذن الله تعالى فأقول وبالله التوفيق.
أولا: أحيي فيك أختي الكريمة ندمك وتوبتك وإقبالك على الصلاة وقيام الليل والذكر والدعاء وهذا يدل على نفس مؤمنة، وتوبة صادقة، وضمير حي.
ثانيا: المؤمن غير معصوم من الخطأ والزلل فهذا أبونا آدم قال الله عنه : (وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى). والصحابة وهم خير الأمة كانوا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في جاهلية فأسلموا وأصبحوا قادة للأمة. وكلنا يتذكر قصة الغامدية التي زنت وهي محصنة وعقوبة الزنا الرجم فأثنى النبي صلى الله عليه وسلم على توبتها.
ثالثا: أقدار الله تعالى على العبد نافذة ولا مناص له منها لكن الموفق من يأخذ العظة والعبرة منها.
وقد يكون وقوع المسلم أو المسلمة في المعصية سببا لرجوعه إلى الله وتوبته، فيفوز برضا الله تعالى وجنته قال الله تعالى: (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز).
رابعا: إحذري أختي من خسارة الدنيا والآخرة فإقدامك على الانتحار -والعياذ بالله تعالى- فيه خسارة الدنيا والآخرة ولذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة".
خامسا: أختي الكريمة من نعم الله على عباده النسيان فانسي ما مضى وانظري بتفاؤل للمستقبل وأنا على ثقة أن الله سيرزقك زوجا صالحا يسعدك وتسعديه بإذن الله تعالى لكن لا تخبري أحدا مهما كان بما حصل لك.
سادسا: نص العلماء على أن من وقع في معصية فعليه أن يتوب بينه وبين الله تعالى ولا يخبر أحدا حتى الجهات الشرعية فإن الله تعالى يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات.
الكاتب: الشيخ عمر بن عبد العزيز السعيد
المصدر: موقع المستشار